المغرب يتجه نحو تعديل مدونة الأسرة... ما هي أبرز الإصلاحات المطلوبة؟

حجم خط المقالة

العاهل المغربي يقرر "إعادة النظر" في مدونة الأسرة

العاهل المغربي يقرر "إعادة النظر" في مدونة الأسرة

العاهل المغربي يقرر "إعادة النظر" في مدونة الأسرة حيث طالب جلالته من الهيئات الرسمية والمدنية بالمشاركة في تقديم مقترحات تعديلات في أجل أقصاه 6 أشهر.

يستند هذا المقال إلى الرسالة الملكية التي وجهها جلالة الملك إلى رئيس الحكومة، المتعلقة بإعادة النظر في مدونة الأسرة، وذلك تفعيلاً وتسريعاً لأجرءات مضامين خطاب العرش لسنة 2022. الخطاب الملكي الذي حدد فيه جلالته الخطوط العريضة لهذا الإصلاح وحدوده، والذي عزز بالرسالة سالفة الذكر المحددة أيضاً للمقاربة والمنهجية الواجب اعتمدهما لإعداد مشروع تعديل مدونة الأسرة والأجل الزمني لعرضه على أنظار جلالته قبل عرضه على المسطرة التشريعية المعمول بها بخصوص النصوص التشريعية من هذا القبيل.

يستند هذا المقال إلى الرسالة الملكية التي وجهها جلالة الملك إلى رئيس الحكومة، المتعلقة بإعادة النظر في مدونة الأسرة، وذلك تفعيلاً وتسريعاً لأجرءات مضامين خطاب العرش لسنة 2022. الخطاب الملكي الذي حدد فيه جلالته الخطوط العريضة لهذا الإصلاح وحدوده، والذي عزز بالرسالة سالفة الذكر المحددة أيضاً للمقاربة والمنهجية الواجب اعتمدهما لإعداد مشروع تعديل مدونة الأسرة والأجل الزمني لعرضه على أنظار جلالته قبل عرضه على المسطرة التشريعية المعمول بها بخصوص النصوص التشريعية من هذا القبيل.

توجيهات الملك لإصلاح مدونة الأسرة تشمل عدة نقاط أساسية ومنها:

تكييف مدونة الأسرة مع تطور المجتمع:

يُؤكد الملك على الحاجة إلى تكييف مدونة الأسرة مع التطورات التي يشهدها المجتمع المغربي واحتياجاته المتنوعة، وضرورة أن تكون مدونة تعكس وتلبي تلك التطورات.

الالتزام بمقاصد الشريعة وخصوصيات المجتمع المغربي:

يتعين على العمل في تطوير مدونة الأسرة أن يلتزم بمقاصد الشريعة الإسلامية وأن يأخذ بعين الاعتبار خصوصيات وقيم المجتمع المغربي.

الاعتماد على فضائل الاعتدال والاجتهاد المنفتح:

تشجيع على اعتماد فضائل الاعتدال والاجتهاد المفتوح في تطوير المدونة، مع التركيز على التشاور والحوار كوسيلة لتحقيق التوافق.

تحسين الاختلالات وتعديل المقتضيات:

يشدد على أهمية التحسين الذي يركز على إصلاح الاختلالات وتعديل المقتضيات التي أصبحت غير مناسبة نتيجة لتطور المجتمع والتشريعات.

المحافظة على المرجعيات والمبادئ:

يُحث على المحافظة على المرجعيات والمبادئ الأساسية مثل العدل والمساواة والتضامن والانسجام، مستمدة من الإسلام والاتفاقيات الدولية.

الاستخدام البنّاء للإجتهاد:

يشدد على ضرورة استخدام الاجتهاد البنّاء لضمان توافق المدونة مع المرجعية الإسلامية والتحديات الحقوقية العالمية.

تلك التوجيهات تبرز التزام الملك بضمان تحقيق التوازن بين القيم الدينية والتطلعات الحديثة للمجتمع المغربي.

أهم المضامين التي من المتوقع أن يتضمنها مشروع تعديل مدونة الأسرة الجديد

أهم المضامين التي من المتوقع أن يتضمنها مشروع تعديل مدونة الأسرة الجديد:

قبل التطرق لمناقشة المضامين التي من المتوقع أن يتضمنها مشروع تعديل مدونة الأسرة الجديد، لابد من التطرق للسياق العام الذي فرض التفكير في إعادة النظر في مقتضيات مدونة الأسرة. فقد مر على اعتماد مدونة الأسرة الحالية عشرين سنة إلا عدة أشهر، ويختلف السياق العام الذي تم فيه إعداد مدونة الأسرة لسنة 2004 جذرياً على السياق الوطني والدولي الحالي في كثير من الجوانب الرئيسية.

يمكن القول أن سياق إعداد مدونة الأسرة في سنة 2004 اتسم بسياق وطني ودولي متميز، الذي استوجب إحداث مجموعة من التعديلات على مستوى مجموعة من القوانين في الخمس سنوات الأولى من العهد الجديد بعد تولي الملك محمد السادس مقاليد الحكم، ومن بينها المصادقة على مدونة الأسرة.

هذه المرحلة عرفت ارتفاع منسوب المقاومة ضد أي تعديل في منحى إعطاء حقوق أكبر للنساء. وهناك من اعتبر لحظة إعداد هذه المدونة لتعويض مدونة الأحوال الشخصية آنذاك بمثابة لحظة استفتاء، بين تيارين تقليدي وتيار حداثي، وما أخرجها من هذا الخندق الكبير هو التدخل الملكي الذي يعتبر بمثابة تحكيم ضمني بين التيارين. التحكيم الذي كانت فيه لمسة التحديث والحداثة، وفيه بعد الاستنباط من مقاصد الشريعة السمحة ومواكبة للتطورات التي عرفتها بنية المجتمع المغربي مع الاحتفاظ على الثوابت الرئيسية للشريعة الإسلامية.

بالإضافة إلى التيارات المعارضة، كانت بنية المجتمع المغربي تميل لمجتمع تقليدي وسادت مجموعة من المخاوف والهواجس لدى فئات كبيرة من أفراد المجتمع المغربي.

بعد الانتهاء من السياق العام لإعداد مشروع تعديلات على مجموعة مقتضيات مدونة الأسرة، سنتناول الآن المقتضيات المرتقب تعديلها في هذه المدونة التي أصبحت الآن تحتاج إلى العديد من التغيرات والتحسينات لتتلاءم مع التطورات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية. يجب أن تستجيب لحجم انتظارات وتطلعات كافة القوى الحية داخل المجتمع.

مدونة الأسرة، بعد أن وضعت في مختبر التجربة لمدة 20 سنة تقريبًا، ظهرت مجموعة من الثغرات التي يتوجب سدها وتداركها نظرًا لتأثيرها السلبي على المجتمع بشكل عام، وعلى المرأة بشكل خاص. تستمر هذه الثغرات في الاستغلال بسوء النية لدى بعض المتدخلين والمعنيين بالمدونة. وقبل الدخول في مناقشة مضامين التعديلات المتوقعة، يجب التأكيد أولًا على أن الجهة المكلفة بإعداد مشروع التعديلات هي رئاسة الحكومة وفقًا لبلاغ الديوان الملكي بتاريخ 26 سبتمبر 2023.

وفي هذا السياق، دعا الملك جلالته المؤسسات المعنية للمشاركة في هذا الإصلاح، ومنها وزارة العدل والمجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة، بالإضافة إلى المجلس العلمي الأعلى والمجلس الوطني لحقوق الإنسان والسلطة الحكومية المكلفة بالتضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة. ودُعي أيضًا للانفتاح على هيئات وفعاليات المجتمع المدني والباحثين والمختصين.

رغم أن الجهات المعنية هي الوحيدة المخولة بتقديم التعديلات، إلا أننا سنناقش بعض الإشكاليات المهمة التي نشأت خلال السنوات الأخيرة، ومن بينها:

تزويج القاصرات والقاصرين:

تعتبر هذه المسألة حيوية، حيث يظهر ارتفاعاً في حالات زواج القاصرات والقاصرين. يجب النظر في تغيير شروط زواجهم وتوفير ضمانات تحمي حقوق القاصرين، خاصة فيما يتعلق بتحقيق الذات من خلال التعليم.

المساواة في الولاية على الأبناء:

يتعين معالجة التمييز فيما يتعلق بحق الولاية على الأبناء، حيث يتمتع الأب بحقوق أكبر في بعض الحالات. يجب تحقيق توازن أكبر في هذا السياق.

الزواج والطلاق:

يجب التأكيد على مساواة الزوج والزوجة في إجراءات الطلاق، وضمان حقوق المرأة دون إلحاق الضرر بها. كما يجب إلغاء بعض التمييزات في مواضيع مثل الزواج بغير المسلم وحقوق الزوجة بعد الطلاق.

التعصيب في الإرث:

يعتبر موضوع التعصيب في الإرث حساسًا، ويتطلب دراسة دقيقة لإيجاد حلاً يلبي احتياجات المجتمع المغربي الحديث ويحقق التوازن بين القيم الثقافية والمتغيرات الاجتماعية.


thug-life advertisement